"أوديسة لغزّة-الأبجدية الحمراء" مجموعة شِعرية جديدة للمتوكل طه

*
صدر عن دار"الآن ناشرون وموزّعون" في عمّان،مجموعة شِعرية جديدة للشاعر الفلسطيني المتوكل طه،ضمّت إحدى عشرة قصيدة،عن غزّة،وجاءت في مائة وخمسين صفحة من القطع المتوسط.وهي الإصدار رقم ستّون للكاتب.وفي تناوله لهذه المجموعة كتب أ.د.الشاعر راشد عيسى قائلاً:"نحن أمام ملحمة شعرية أو فيلم سينمائي طويل أو مسرحية كونية في صورة مرايا تاريخية وواقعية وأسطورية ودينية مرعبة الرؤى كيوم القيامة.قصيدة من نوع الكثافة المشهدية في الأوديسة الهوميروسية. فإذا كان أوديسيوس البطل الاستثنائي يعرض مغامراته بعظمة العجائب والمستحيلات بعد حرب طروادة، فإن المتوكل هنا يقوم بدور البطولة الشعرية الخارقة بعد حرب غزة.فالقصيدة شجاعة في استدعاء الشواهد الإغريقية والرموز الخاصة بالمعتدي السارق مثل يوشع كنوع من تحدي الضحية للجلاد والسنبلة للمنجل وحبّة الرمل للجبل وصرخة الطفل في القاتل وفي الجدار المهدوم عليه.هذا نصٌّ يتفوّق على التاريخ الأسود للحقد الاستعماري والديني واستلاب تاريخ الشعوب بالمزاعم الكاذبة المخادعة وبجرائم الإبادة الجماعية لكل معنى من معاني الحياة.هنا غزة بطلة كونية جديدة تثبت تفوّقها على إرادة السارق القاتل المجنون الواهم بقدرته على محو التاريخ الكنعاني الخالد.في القصيدة دسم هائل من لقطات العبثية المجنونة التي تقابلها قوى غزية أعظم صبرا ومقاومة وعزيمة لا يمكن أن تنال منها نوايا المراحل السوداء عند العابرين الطغاة.
الشاعر هنا يحترم طبيعة الشعر فينأى عن المباشرة والخطابية ويتلاحم ببلاغة الإيماء والتلميح وذكاء الكناية والتورية وعبقرية الإيحاء الاستعاري الساخن في مراميه الدلالية شديدة الإيلام حتى لكأن القصيدة تتحدى وقائع الحرب ومقاصدها بانتصار الحلم المقدس عند الضحايا.فالانتصار المكاني مؤقت في حين أن انتصار الفكرة والحلم ديمومة كونية لا تقبل الهزيمة.في القصيدة مسرات كثيرة أولها أن مثل هذا الشعر هو وثيقة إنسانية جمالية تؤكد تفوق الحضارة الثقافية الغزية تحديدا على مزاعم المحتل الخائف أمام جبروت الحق العادل.وثاني المسرات هو غنى الملحمة بفن استدعاء التاريخ لإدانة الواقع المعيش.في مثل هذه القصائد ينحني فؤاد العالم احتراما لجماليات الألم الفلسطيني الذي يوثق مسار وجوده بأهم الفنون الإنسانية جميعا وهو الشِعر".
أما د.الشاعرة دعاء وصفي بياتنة،فقد أشارت إلى أنّ"قصيدة أدويسة لغزة للشاعر المتوكل طه قصيدة ملحميّة دراميّة سينمائيّة خارقة للجغرافيا والتّاريخ،قصيدة كاميرا متحرّكة في قلب الإنسان وغزة صوتًا وصورة.
إن فلسفة الشّكل التّعبيري في القصيدة جعلت تجسيد الواقع المضطرب الذي شهدته غزّة يتجلّى في جماليات التفكك باللوحات والمشاهد والتضاد والمفارقة،إذ يسير المتوكل طه في قلب الحدث الشعري ساردًا ومؤرخا ومثقفا وموظفا التقنيات السردية التي تصور دواخل الشخصيات،الأمر الذي منح القصيدة بُعدًا جماليًّا ينسجم مع حركة الواقع.وتنفتح القصيدة على سياقات ثقافية وتاريخيّة تشكّل مقاربة معرفيّة في الرؤية الشعرية.
أدويسة لغزة لا بطل فيها بالصورة النمطية إنّها بطولة الحياة رغم الموت،وارتفاع الرفض رغم الصمت،وانتصار التجذّر رغم أنف الآخر."
يذكر أن المتوكل قد أصدر قبل شهور،كتابين آخرين عن غزة ما بعد السابع من أكتوبر؛الأول"توقيعات على جدران غزة"وقد صدر عن اتحاد الكُتّاب الفلسطينيين،كما صدرت طبعة ثانية منه في القاهرة عن سلسلة الابداع العربي.أما الكتاب الثاني فكان رواية"أخبار نصف جيدة"التي صدرت عن دار طباق في فلسطين،وهي بانوراما عن أحداث العدوان على القطاع الصابر الصامد.