الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:40 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

مدارس الإصرار .. أطفال يطردون المرض على مقاعد الدرس

طالبة في مدارس الإصرار

راية - حازم شملاوي- لطالما حلمت الطفلة حنين الكعابنة (8 أعوام) من بدو الكعابنة في أريحا؛ بالجلوس على كرسي ودرج مدرسي؛ إذ لم تتمكن من الالتحاق بمدرسةٍ بسبب وضعها الصحي وعدم قدرتها على المشي لضمور عضلاتها؛ إلى أن اضطرها ظرفها الصحي لمتابعة علاجها في مجمع فلسطين الطبي برام الله؛ لتكون مدرسة الإصرار "4" التي أنشأتها وزارة التربية والتعليم العالي بالتعاون مع وزارة الصحة؛ فرصتها السانحة للالتحاق بالتعليم. 

لم تغب الابتسامة عن وجه حنين طوال مقابلتنا لها، وأثناء تلقيها الدروس؛ نظراً لبيئة المدرسة الجاذبة والمحفزة؛ التي قَلبت حياة المشفى إلى "جنة" بالنسبة لكافة الأطفال المرضى وجذبتهم للالتحاق بها، كما يبدو جلياً شغف واهتمام مديرة المدرسة والمعلمات بالطلبة وتعليمهم واستمتاعهن أثناء التدريس.

وتعبّر الطفلة الكعابنة، التي بدأت بتعلم المفاهيم الأساسية في اللغتين العربية والإنجليزية والرياضيات؛ عن سعادتها لتلقي التعليم لأول مرة؛ وجمال أسلوب التدريس في مدرسة الإصرار؛ بما يجذب الطلبة ويحفزهم على التعلم بالرغم من ظروفهم الصحية، واصفةً حبها للمدرسة بعفوية "أحب المدرسة 10" أي بنسبة (10 على 10).

لمانة حمايل من قرية كفر مالك بمحافظة رام الله والبيرة، ابنة الصف الرابع؛ هي الأخرى صاحبة قصة مع مدرسة الإصرار، إذ ترقد في المشفى لظروف صحية طارئة؛ فهي تعاني من نقص في الأوكسجين، حيث زرناها وهي تتلقى دروسها على سرير الشفاء في الغرفة رقم (4) بالمجمع الطبي في رام الله؛ واستأذناها ومعلمتها لمقابلة سريعة.

وتعبّر الطفلة حمايل، صاحبة الابتسامة القوية الباعثة على الأمل؛ عن سرورها بما تتلقاه من خدمات تعليمية مميزة؛ في مدرسة الإصرار "4"؛ بما يشمل توفر الألعاب التربوية الهادفة المتنوعة. 

أما الطالبة مرام كتانة (10 أعوام) من بلدة كفر عقب في ضواحي القدس؛ والتي تحدثت إلينا بحماسة وثقة قوية بنفسها؛ فتقول: مدرسة الإصرار جميلة وتقدم لنا خدمات تعليمية متنوعة تشمل الترفيه والنشاطات اللامنهجية، وأسلوب التعليم فيها مشوق يجعلنا لا نمل.

وتثمن الطفلة كتانة دور وزارتي التربية والصحة لتأسيسهما مدرستها وغيرها من المدارس التي حملت اسم الإصرار، متمنيةً توفير المزيد من هذه المدارس في مختلف المشافي؛ لضمان توفير التعليم للطلبة المرضى، مضيفةً: "لم نشعر أننا داخل مشفى بسبب وجود مدرسة الإصرار، وحتى وإن خرجتُ من المشفى فسأبقى أزور هذه المدرسة وأدعم طلبتها".

الفكرة والبدايات 

أما صاحب فكرة مدارس الإصرار وزير التربية والتعليم العالي د. صبري صيدم؛ فيؤكد أن "التربية" وبالتعاون مع "الصحة" لن تدخر جهداً لتوسيع قاعدة هذه المدارس لتعم الفكرة على كافة المشافي التي يتلقى فيها الطلبة الأطفال علاجهم، مضيفاً أن توفير التعليم النوعي للطلبة المرضى خاصةً ذوي الحالات المرضية المزمنة؛ هو التزام راسخ لدى وزارة التربية، وأن فكرة مدارس الإصرار جاءت لتؤكد وتؤصل هذا الالتزام.

أما عن الفكرة والبدايات؛ يوضح الوزير أن تأسيس هذه المدارس تحت مسمى "الإصرار" إنما يجسد رؤيةً تربويةً إنسانيةً، تؤكد على إصرار الطلبة وعطائهم الذي لا ينفد رغم المرض، لافتاً إلى أن هذا النموذج من المدارس يتزامن مع تشييد مدارس التحدي التي توفر التعليم للطلبة في المناطق المستهدفة من الاحتلال.

ويتابع صيدم: "افتتحنا مدارس للإصرار في مشافي المطلع والمقاصد والنجاح ورام الله، ويجري الترتيب لافتتاح (الإصرار5) في مشفى بيت جالا، والمزيد سيتبع من هذه المدارس، وذلك حتى نؤدي رسالتنا السامية في التعليم، وهذه الرسالة تزداد سمواً حينما توجه للطلبة والأطفال المرضى، مشدداً على إيمان الوزارة بتميز هؤلاء الطلبة وإبداعهم وحبهم للحياة إذا ما توفرت لهم سبل الدعم والرعاية اللازمة، مثمناً دور المعلمين والمعلمات الذين لا يبخلون على طلبة هذه المدارس بعلمهم ورعايتهم.

من جهته، يقول وزير الصحة د. جواد عواد إن المرض لن يقف عائقاً أمام الأطفال لتلقي تعليمهم، وأن هؤلاء الأطفال سيتلقون علاجهم بالتوازي مع دروسهم، مضيفاً أن هذا المناخ الصحي التعليمي هو نتاج تعاون وثيق ما بين وزارتي الصحة والتربية.

ويضيف عواد أن التعاون مع وزارة التربية يبرهن على تكامل الأدوار والرؤى لخدمة الأطفال والطلبة المرضى، والتأكيد على حقهم في الحصول على تعليم نوعي داخل المشافي والمراكز الصحية، مسجلاً شكره لوزارة التربية بكافة كوادرها، وعلى رأسهم الوزير صيدم، لجهودهم وتعاونهم لافتتاح المزيد من مدارس الإصرار في العديد من المشافي.

العمل كخلية نحل

أما مديرة مدرسة الإصرار "4" رائدة دحادحة؛ فتشيد بمتابعة واهتمام وزارة التربية ممثلة  بالوزير صيدم، ومديرية التربية وكذلك وزارة الصحة؛ ودعمهم للمدرسة وباقي مدارس الإصرار، مثمنةً تعاون الطاقم الطبي مع أسرة المدرسة والتنسيق الدقيق بينهما لترتيب البرنامج الدراسي والطبي للطلبة.

وتتابع دحادحة: "نتوجه يومياً لقسم الأطفال في المشفى ونطمئن على كافة طلبة المدرسة أثناء علاجهم؛ وبعد ذلك ننقل الطلبة لتلقي تعليمهم"، متحدثةً حول آلية العمل في المدرسة الذي يرتكز على روح الفريق الواحد والعمل كخلية النحل لخدمة الطلبة وتقديم التعليم النوعي لهم. 

وتشير إلى وجود سجل لكل طالب تُدوّن فيه المهارات التي يكتسبها من المدرسة، لافتةً إلى أنه يتم إرسال صورة من هذا السجل لمدرسة الطالب الأصلية؛ ليثبت لها أنه منتظم في تعليمه، موضحةً أنه يلتحق بالمدرسة طلبة من مختلف الصفوف والمحافظات، مؤكدةً أن "شغف الطلبة وحبهم للمدرسة؛ يعطي الطاقم التعليمي تغذية راجعة إيجابية وتحثه على المزيد من العطاء، وبما يدلل على الأسلوب الناجح في التعليم".

وتستطرد دحادحة: "خدمت فترة طويلة في القطاع التربوي؛ قدّمت خلالها عطاءً بلا حدود؛ وحينما توليت إدارة مدرسة الإصرار؛ أدركت أنه لدي المزيد من الطاقات لأبذلها خدمةً للطلبة المرضى؛ إذ إن عملي إنساني قبل أن يكون مجرد وظيفة أتقاضى عليها راتب"، مضيفةً أن الاتصال يستمر مع الطلبة حتى بعد خروجهم من المشفى، قائلةً: "إن ابتسامة الطفل بالنسبة لنا تساوي الكثير، والإحسان يصنع إنساناً، وهذه رسالتنا".

أولياء الأمور يشيدون بالنموذج 

وفي شهادة الأهالي ومساندتهم لهذا النموذج المشرف من المدارس؛ تقول أسماء كتانة والدة الطالبة مرام: "أحضرنا مرام لمشفى رام الله، والأطباء نصحوا ببقائها فيه 10 أيام، وهي فترة ستنقطع فيها عن مدرستها، لكن حينما علمنا بوجود مدرسة الإصرار داخل المشفى وأخبرنا مرام بذلك؛ سارعت بالقول "أريد النزول للمدرسة"، وألحت علينا لتزيل "إبرة المغذي" حتى تتمكن من الالتحاق بالمدرسة، وطلبت من أختها إحضار الحقيبة لها من البيت لتتابع دروسها"، شاكرةً أسرتي وزارتي التربية والصحة وطاقم المدرسة والطاقم الطبي على توفير هذه البيئة الحاضنة للطلبة. 

أما المعلمة صفية عودة؛ التي قابلناها وهي تقدم الدروس للطالبة لمانة على سرير الشفاء بمشفى رام الله؛ فتسرد لنا البرنامج اليومي في عملها بالقول: "نبدأ كل صباح بالسؤال عن الطلبة في أقسام المشفى، ومن لا يستطع منهم القدوم للمدرسة نذهب إليه على السرير، ونلقى شغفاً كبيراً من الطلبة تجاه التعليم"، مشيرةً إلى أن طلبة مدارس الإصرار يتلقون أفضل الخدمات التعليمية بحكم الطاقم المتميز وعدد الطلبة القليل مقارنة مع المدارس الأخرى؛ ما يمنح الطلبة وقتاً وتفرغاً أكبر من قِبل المعلمين.

 العمل إنساني ويزرع الأمل 

وفيما يتعلق بتحسين نفسية الطلبة؛ تشير المعلمة سناء نوفل إلى التركيز في الأسلوب التدريسي على التعلم من خلال النشاطات الترفيهية، والألعاب والفيديوهات التربوية الهادفة التي تُكسِب الطلبة المهارات النوعية وتنمي ذكاءهم وتوفر لهم الراحة النفسية، هذا بالإضافة للدروس المقررة، مؤكدةً التزام المدرسة بمنهاج وزارة التربية.

وتُجمع المعلمتان هويدة ذياب وابتسام نعيرات على أن عملهما في مدرسة الإصرار إنساني؛ "إذ نقدم الدعم والمساندة للطلبة ونشجعهم ونزرع فيهم الأمل؛ ونترك المجال مفتوحاً أمام الطلبة لاختيار ما يودون تعلمه خلال الحصص.

يُشار إلى أن "التربية" وبالتعاون مع "الصحة" كانت قد افتتحت أول مدرسة "إصرار" بمشفى المطلع في القدس عام 2016، وافتتحت مدرسة "الإصرار 2" في مشفى المقاصد الخيرية بالقدس أيضاً عام 2017، لتعود وتفتتح مدرسة "الإصرار 3" في مشفى النجاح الجامعي بنابلس في ذات العام، كما افتتحت مدرسة "الإصرار 4" في مجمع فلسطين الطبي برام الله مطلع العام الدراسي الجاري.

Loading...