خاص| تحت غطاء المساعدات: إسرائيل تروّج لتبييض صورتها وسط مأساة غزة
رغم إدخال بعض المساعدات إلى قطاع غزة، لا تزال الأوضاع الإنسانية متدهورة بشكل كارثي، وسط اتهامات لإسرائيل باستخدام تلك المساعدات كأداة لتبييض صورتها أمام العالم، وليس كخطوة حقيقية لإنهاء المجاعة المتفشية في القطاع.
ويواجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ضغوطًا داخلية متزايدة من شركائه في الائتلاف على خلفية هذا الملف، وسط تحذيرات من توجه إسرائيلي نحو تصعيد عسكري جديد في غزة.
وفي حديث خاص لـ"رايــة"، قال الباحث في الشؤون الإسرائيلية، ياسر مناع، إن هناك حالة من الانتقاد داخل الحكومة الإسرائيلية، خاصة من قبل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، على خلفية إدخال المساعدات إلى غزة، بزعم أنها تصب في مصلحة حركة حماس، وتأتي ضمن أدوات الضغط للذهاب نحو صفقة تبادل وفق الشروط الإسرائيلية.
وأضاف مناع أن هذه التصريحات تصب في إطار الضغط على نتنياهو من جهة، ومن جهة أخرى تأتي كمزايدات ومناكفات سياسية مع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن الكنيست حالياً في عطلة، ومن المحتمل بعد عودته أن يتم حلّه، رغم أن السيناريو ضئيل، لكن قائم.
وأشار مناع إلى أن استطلاعات الرأي الحالية تشير إلى أن حزب سموتريتش لا يتجاوز نسبة الحسم، وبالتالي فإن انسحابه من الحكومة سيكون بمثابة نهاية لمسيرته السياسية، وهو ما يدفعه للتمسك بالحكومة وعدم تفكيكها.
وتابع: "الكتل اليمينية مترابطة، ولا تستطيع تفكيك الحكومة أو الانسحاب من الائتلاف. وحتى اللحظة، حكومة نتنياهو ما زالت قائمة ومستقرة حتى مطلع عام 2026".
وفي سياق متصل، أكد مناع أن المساعدات التي تدخل إلى غزة لا تصل إلى كافة السكان، وتتم بطرق تثير الفوضى ولا تكفي لسد حاجات الناس، إذ أن ما يدخل لا يساوي "نقطة في بحر". وقال: "نحن بحاجة إلى ما لا يقل عن 1000 شاحنة مساعدات يوميًا حتى نصل إلى بر الأمان في قطاع غزة".
وأوضح أن إسرائيل تحاول، من خلال إدخال كميات محدودة من المساعدات، تلميع صورتها أمام العالم، لا سيما بعد تصاعد الاتهامات الدولية بشأن استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين، والتي باتت تتكرر في كبرى الصحف العالمية خلال الآونة الأخيرة.
وأشار إلى أن إسرائيل فشلت في حرب الرواية والسردية التي بدأت بعد السابع من أكتوبر، وفقدت كثيرًا من الدعم الدولي الرسمي والشعبي، وهو ما دفعها لمحاولة الظهور بمظهر الدولة التي تسمح بإدخال المساعدات، بينما تتنصل من مسؤولية المجاعة وتحاول إلصاقها بحماس.
وأضاف مناع أن الولايات المتحدة تشارك إسرائيل في هذه الرواية، مستدلًا بتصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي اعتبر المجاعة في غزة مجرد "بروباغندا" تنشرها حماس، متجاهلًا الحقائق الإنسانية الكارثية.
وأكد أن الدعم الأمريكي لإسرائيل لا يقتصر على الجانب السياسي، بل يشمل الدعم العسكري واللوجستي والاستخباراتي، ما يضع الولايات المتحدة في خانة الشريك الفعلي في الحرب على غزة.
وحذر مناع من أن التركيز الإعلامي والسياسي على المجاعة والمساعدات، دون الحديث عن ضرورة وقف الحرب، هو محاولة لحرف الأنظار عن السبب الرئيسي للكوارث الإنسانية.
وفي السياق العسكري، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن العملية العسكرية في غزة قد تدخل مرحلة أكثر تصعيدًا، بينما تحدث متحدث باسم جيش الاحتلال عن تقديم خطة جديدة للمستوى السياسي للتعامل مع القطاع.
وفي هذا الصدد، قال مناع إن هناك توجهًا داخل المؤسسة العسكرية لتكثيف الحصار والإنهاك، خاصة في وسط قطاع غزة، حيث يُعتقد أن بعض الأسرى الإسرائيليين ما زالوا محتجزين، بدلًا من التوجه نحو احتلال شامل للقطاع، لما يحمله ذلك من كلفة مالية وبشرية كبيرة.
واختتم مناع بالقول: "هناك مخاوف من انسحاب إسرائيل من المفاوضات في ظل أجواء إيجابية، وربما تقوم بعملية عسكرية محدودة ثم تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار، تمامًا كما فعلت الولايات المتحدة مع إيران بقصف مفاعل فوردو قبل العودة إلى طاولة الاتفاق".