لماذا الصراع على شبه جزيرة القرم الاوكرانية؟.. أهميتها وتاريخها

رام الله- رايــة:
تواصل روسيا ارسال جنودها الى شبه جزيرة القرم الاوكرانية لفرض سيطرتها عليها، ونقلت وسائل إعلام غربية ان اسطول البحر الأسود الروسي أمهل القوات البحرية الأوكرانية حتى فجرم اليوم للإستسلام، أو التعرض لهجوم.
وعلى الصعيد الاوكراني قال أرسيني ياتسينيوك، رئيس الوزراء الأوكراني، أمس الاثنين، إن بلاده لن تتخلى عن القرم. وكانت قوات روسية سيطرت على القرم وهي جزء من أوكرانيا إلا أن ياتسينيوك قال للصحافيين "لن نتخلى عن القرم لأي أحد".
نستعرض في هذا التقرير أهمية شبه جزيرة القرم التي قد تؤدي الى اندلاع حرب للسيطرة عليها، لا سيما وأنها كانت محط اهتمام استراتيجي لعدة دول في تاريخ الحروب السابقة.
كانت لشبه جزيرة القرم دائما أهمية بالغة بالنسبة إلى روسيا الإمبراطورية والسوفيتية وروسيا المعاصرة لأن امتلاكها كان يعني السيطرة على البحر الأسود والمناطق المطلة عليه.
ولم تصبح روسيا دولة عظمى إلا بعد ضمها للأراضي المتاخمة للبحر الأسود، بما فيها شبه جزيرة القرم خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر.
واختارت بريطانيا وفرنسا بالتعاون مع العثمانيين شبه الجزيرة بالذات لإجراء أول عملية إنزال بحري واسع النطاق في العالم في عامي 1856 – 1857 (ابان حرب القرم) و كان الهدف طرد روسيا وقاعدتها البحرية ومنعها بذلك من حق امتلاك أي أسطول بحري قوي في البحر الأسود الا ان الحلفاء لم يعتزموا آنذاك التقدم إلى عمق روسيا ومع ذلك توقف نشاط روسيا هناك.
روسيا لم تستعد عظمتها إلا بعد استعادتها السيطرة على القرم عامي 1877 – 1878 لفرض السيطرة على مضيقي البوسفور والدردنيل بغية ضمان الخروج الآمن لأسطول البحر الأسود الروسي إلى المتوسط. ولو انتصرت روسيا في الحرب العالمية لفرضت تلك السيطرة على المضيقين المهمين.
كانت جزيرة القرم بعد الحرب العالمية الاولى جزءًا من أراضي جمهورية روسيا وكانت ومازالت تشكل قاعدة سيفاستوبول البحرية الهامة.
ما زال الروس يشكلون غالبية سكان القرم وخاصة بعد ترحيل جوزيف ستالين سكانها الأصليين التتار من موطنهم إلى كازاخستان في شرق الاتحاد السوفيتي عام 1944 بمبرر دعمهم للألمان وبلغت نسبة الروس في شبه الجزيرة آنذاك 75% .
فيما شكلت نسبة الأوكرانيين عام 1944 في القرم 21% فقط. وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 بقيت القرم أوتوماتيكيا في قوام أوكرانيا بصفتها دولة مستقلة.
واضطرت روسيا طوال أكثر من عقدين للقيام بمناورات سياسية لإبقاء أسطولها بالبحر الأسود في القرم، عن طريق عقد الاتفاقيات مع الحكومات الأوكرانية التي كانت تتغير من وقت إلى آخر. وكان اخر هذه الاتفاقيات في نيسان عام 2010 وكانت تقضي ببقاء الأسطول البحري الروسي في القرم لغاية عام 2042 مقابل دفع روسيا مبلغ 100 مليون دولار سنويا وتنزيل سعر الغاز المصدر إلى أوكرانيا بنسبة 30%.
أهم الصناعات في القرم تشمل صناعة الأغذية، ومجالات الهندسة الكيميائية والميكانيكية والمعدنية، وصناعات إنتاج الوقود. كما تشمل الفروع الرئيسية للإنتاج النباتي في المنطقة الحبوب والخضروات، وصناعة النبيذ.
مع العلم ان شبه جزيرة القرم تقع شمال البحر الأسود، ولا تتصل بالبر القاري الا من خلال شريط ضيق من جهة الشمال. ويمتد من جهتها الشرقية شريط أرضي يكاد يتصل بالاراضي الروسية تمر عبره خطوط المواصلات، وتحيط بها مياه البحر الأسود من الجنوب والغرب.